لقد شكلت الغابات و عبر العصور و كما سبق ذكره المأوي و المأكل و المشرب لإنسان المنطقة، و نخص ذكرا هنا غابات جبل عمور التي وفرت للمجاهدين إبان ثورة التحرير كل ما يحتاجونه من ضروريات الحياة، فكانت بحق قاعدة للحياة سواءًِ للمجاهدين المستقرين بالمنطقة أو العابرين منها إلى مختلف مناطق الوطن و عبر كل الاتجاهات و إلى كل الجبهات، وقد دارت أغلبية معارك جبل عمور في المناطق الغابية الجبلية و نخص ذكرا غابات القعدة التي نقشت اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الجزائر التحرري كما نقشه إنسان ما قبل التاريخ في صخورها منذ عشرة آلاف سنة قد خلت.
خصوصيات غابات جبل عمور و ما تتميز به من أنها تكون وحدة طبيعية على الأطلس الصحراوي ، تتأثر بالمناخ المتوسطي و من جهة أخرى بالمناخ الصحراوي، و ما توفه من أسباب العيش بفضل بيئتها المحلية ، فقد كانت دائما و عبر التاريخ مكنا و مصدر رزق للإنسان الذي عمرها منذ أكثر من عشرة آلاف سنة، حيث تدل على ذلك المحطات الأثرية السابقة الذكر.
لقد اتخذ الإنسان في هذه المنطقة من كهوف الجبال سكنا، و أوراق و ثمار الشجر قوتا له و لحيواناته، و من حيواناتها طرائدا و متاعا، و استغل أرضها للزراعة، فكان يأخذ منها كل ما يحتاج و يزيد دون أن يقدم لها شيئا، إلى أن جاء الاستعمار إلي المنطقة مع منتصف القرن التاسع عشر، فزاد استغلاله لثرواتها، باستخراج أخشابها نحو المدن و القرى، و تحويل الفحم إلي مناطق بعيدة، و على سبيل الاستدلال فقد وصل إنتاج الخشب خلال موسم 57-58 بغابات منطقة جبل العمور إلي 7500 م3 ، منها 4000 م3 كحطب ميت للسكان المحليين، أما عابة وارن فقد أنتجت 31000 م3 من الخشب و 4000 قنطار من الفحم، و استغلال حقول الحلفاء استغلالا مفرطا لتغذية مصانع الورق و الكرتون بأوروبا، التي بلغ معدل إنتاجها الأدنى 25000 طن/سنة خلال الأربعينيات و الخمسينيات.
و إلي يومنا هذا لا زالت غابات جبل عمور المصدر المعيشي الأساسي لسكان الريف، و خصوصا في توفير الحطب، الفحم ، الحلفاء، الأعشاب الطبية و الأعلاف و المراعي للمواشي............
و للأسف الشديد فقد أستنزف الإنسان كل هذه الثروات الطبيعية و زاد من تدهورها، غير مكترث بمدى الخطورة التي قد تلحق به من جراء ذالك، و اليوم و إن صحت بعض الضمائر فإن الواقع يفرض على كان المناطق الجبلية و القريبة منها االإعتماد في حياتهم على هذه الثروات، و هو ما يستدعي تضافر جهود كل المعنيين و المتدخلين من أجل وضع سياسة عاجلة تأخذ في الحسبان و تحسين ظروف معيشة هؤلاء السكان مع المحافظة على جميع الموارد الطبيعية و التاريخية و الثقافية.
العمليات الموجهــة لسكــان الغـابـات لحمـاية الموارد الطبيعية
في الحقيقة أن العمليات التي كان يجب أن توجه لسكان الغابات، أو بالأحرى لسكان المناطق الغابية لم تكن تعرف التنظيم الجيد و الإدارة الحسنة، حيث أنها كانت تصدر من مصادر مختلفة، وتتجه في اتجاهات عديدة وليس فيما بينها في كثير من الأحيان التنسيق اللازم .
العمليات الموجهة لفائدة سكان هذه المناطق والتي تكفلت بها الإدارة المحلية.
1. إعادة تشجير ما يقارب من 20 ألف هكتار وهذه العملية الكبيرة بقدر ما هي مساهمة في إعادة الغطاء النباتي فأنها أيضا قد وفرت مصدرا رئيسيا لتوفير الشغل لآلاف العائلات .
2. عمليات تحسين المراعي مع مختلف البرامج ( المديرية العامة للغابات، محافظة السهوب) 10.000هـك.
3. عمليات وضع المحميات الطبيعية مع مختلف البرامج ( المديرية العامة للغابات ، محافظة السهوب) 20.000 هك .
4. عمليات فك العزلة ( فتح ونهيئة مئات الكيلومترات ) 500 كلم
5. غرس الأشجار المثمرة : 434 هك ( المديرية العامة للغابات ) .
6. مجمل العمليات التي تضمنها برنامج المخطط الوطني للتنمية الفلاحية والريفية Pndar
7. ( الدعم الفلاحي ، الاستصلاح الفلاحي ، برنامج التنمية الريفية ) .
8. توسيع شبكة الغاز الطبيعي عبر كامل القرى والمدن: مع أن هذا الهاجس ظل يراود فكر المعنيين منذ سنوات الاستقلال الأولى باعتباره عاملا أساسيا في الحد من ظاهرة قطع الغابات إلا أنه لم تبدأ تظهر نتائجه إلا مع هذه السنة حيث مست عملية التزويد بالغاز الطبيعي أربع مراكز سكنية، زيادة على مدينة آفلو التي استفادت جزئيا وعلى مراحل منذ العشريتين السابقتين مع برنامج طموح، في الأفق سوف يمس قريبا مركزين اثنين